(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
الصيام آداب وأحكام
49872 مشاهدة
الاختلاف في تعيين ليلة القدر

يرجع سبب فضل ليالي العشر إلى أن فيها ليلة القدر؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث سلمان الطويل في فضل شهر رمضان: شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم وهذه الليلة قد أخفي العلم بعينها، فلم يطلع الله عليها أحدا من خلقه، والسبب في ذلك طلب الاجتهاد في بقية الليالي، فإنهم لو علموا عينها لناموا في بقية الليالي، وقاموا هذه الليلة وحدها، ولم يحصل لهم زيادة الأعمال، فإذا أبهمت في هذه الليالي فإنهم يجتهدون، فيقومون في كل ليلة جزءا رجاء أن يوافقوها، فكلما جاءت ليلة قال أحدهم: أرجو أن تكون هذه هي الليلة التي هي خير من ألف شهر فيقومها.
فإذا جاءت الليلة التي بعدها قال: قد تكون هذه، إلى أن تنتهي أيام العشر، فيحصل على أجر كثير، وتتضاعف له الحسنات، ويكون ممن عبد ربه عبادة متتابعة، لا عبادة منقطعة قليلة. أما تعيين تلك الليلة فقد اختلف فيها اختلافا كثيرا ، حتى وصلت الأقوال فيها إلى أكثر من أربعين قولا كما في فتح الباري، وكلها ليست بيقين.
فمنهم من قال: إنها ليلة إحدى وعشرين، واستدل بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إني رأيت في صبيحتها أني أسجد في ماء وطين . قال أبو سعيد راوي الحديث: فأمطرت السماء فوكف سقف المسجد، فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى جبهته أثر الماء والطين ورجّح الإمام الشافعي ليلة إحدى وعشرين لهذا الحديث.
ومنهم من قال: هي ليلة ثلاث وعشرين، واستدل بأنه - صلى الله عليه وسلم - حث على قيام السبع الأواخر مرة، ثم قال: كم مضى من الشهر؟ قالوا: مضى ثنتان وعشرون، وبقي ثمان، قال: بل مضى ثنتان وعشرون وبقي سبع، فإن الشهر لا يتم، اطلبوها الليلة، (يعني ليلة ثلاث وعشرين) ذكره ابن رجب في الوظائف.
ومنهم: من رجح ليلة أربع وعشرين، وذلك لأنها أولى السبع الأواخر، واستدل بأنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى كثير من أصحابه ليلة القدر في السبع الأواخر قال: أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فتحروها أو قال: فمن كان متحريها فليتحرَّها في السبع الأواخر والسبع الأواخر أولها ليلة أربع وعشرين إذا كان الشهر تاما .
ومنهم من قال: إنها تطلب في ليالي الوتر من العشر كلها؛ وذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان والوتر هي الليالي الفردية، وبالرجوع إلى ما مضى فليالي الوتر هي ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، فهذه أوتارها بالنسبة إلى ما مضى.
وإذا قلنا: إنها بالنسبة إلى ما بقي فهي الليلة الأخيرة التي ما بعدها إلا ليلة واحدة، وليلة ثمان وعشرين، وليلة ست وعشرين، وليلة أربع وعشرين، وليلة اثنتين وعشرين، وعلى هذا تكون ليالي العشر كلها محلا للطلب والالتماس.